السبت، 17 يناير 2009

كتاب ومفكرون.. يجددون الوفاء لنهج المقاومة في الرقة



أشار الحاج نواف الموسوي عضو المكتب السياسي لحزب الله ومسؤول العلاقات الدولية في الكلمة التي ألقاها نيابة عن السيد حسن نصر الله إلى تقدير سيد المقاومة لجميع المشاركين في هذا المهرجان وأبناء الأمة العربية والإسلامية اللذين يشربون الفكر المقاوم قولاً وعملاً مشيداً بالجهود والتضحيات التي قدمها الشعب السوري بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد للشعب اللبناني والوقوف إلى جانب المقاومة، جاء ذلك خلال مهرجان "الوفاء للمقاومة الذي أقامته مديرية الثقافة في الرقة بالتعاون مع المؤتمر الدائم لمناهضة الغزو الصهيوني.
وأكد الموسوي بأن المقاومة اللبنانية قدمت البطولات والتضحيات من أجل تحقيق الإرادة الحرة، وهي تخوض معركة الحرية والسيادة ضد رموز العدوان والبغي اللذين أرادو النيل من رموز المقاومة وحصر الصراع ضمن الإطار الطائفي الضيق، لكن انتصار المقاومة سياسياً وعسكرياً حقق الثبات في الحفاظ على وحدة وسيادة لبنان وعزز دور سوريا الوطني والقومي في الصراع العربي الصهيوني وصوابية النهج السوري في تمثله للأوضاع العربية الراهنة وحمل رسالة الفكر المقاوم والتصدي للمؤامرات التي تحاك ضد الأمة العربية.

كما ألقى حمود الموسى مدير الثقافة في الرقة كلمة أكد فيها على حقيقة هي أن الأمة لم تمت رغم كل المحاولات الخبيثة لبيعها في أسواق النخاسة.. وها هي جيلاً بعد جيل.. وطليعة بعد طليعة تسلم رايات المقاومة من سابق إلى لاحق على الرغم ما تكابده هذه المقاومة من ظروف العدوان وأشكال الغدر ونكران من يفترض أنهم الأهل، مشيراً إلى معاناة سوريا الممانعة وتحديها أقسى الضغوط التي تواجهها من حصار، وتهميش، ومحاولات تجويع وتطويق.. وخنق.. لكنها مازالت تتشبث بالهدف والغاية.. وترفض كل الإغراءات التي تستهوي الصغار ومن قوت شعبها تقتطع ثمن سلاح لجيشها وشعبها.

وأكد هاني مندس منسق المؤتمر الدائم لمناهضة الغزو الصهيوني أن أمتنا تواجه كل أشكال الاستغلال والاستعمار القديم والحديث ويستخدم كل أشكال الذرائع الإيديولوجية والسياسية والعنصرية لتبرير عدوانيته وفرض هيمنته، هذا إلى جانب السعي الحثيث لإشعال الحروب والفتن التي تؤدي إلى مضاعفة الأرباح الخيالية من خلال بث روح الكراهية والعداء والخوف بين الشعوب، وداخل إطار الشعب الواحد وإثارة النزعات العرقية والطائفية والمذهبية، وتغليب ثقافة الإلغاء والتوحش والانغلاق على ثقافة التمدن والتفاعل الثقافي والإنساني.
موضحاً أن المقاومة في لبنان لم تُفشل، فقط الأهداف السياسية والعسكرية لهذا العدوان "إقامة الشرق الأوسط الجديد" بل عمق المخطط الشامل التدميري، وبهذا المعنى كانت المقاومة هي المتراس الأول المدافع عن القيم الإنسانية وثقافة الانفتاح والانغلاق والقتل والكراهية بدعم من الشقيقة سوريا البلد العربي المقاوم الأول في مواجهة الكيان الصهيوني.

فيما تناول أنيس النقاش الصراع العربي الصهيوني قائلاً: أي صراع في العالم له بداية ونهاية وبين البداية والنهاية محطات تاريخية، قد يكون النصر لهذا الطرف أو ذاك.. ونحن اليوم في صراعنا مع الكيان الصهيوني نقترب من النهايات، ونرى أن النصر سيكون لنا.. وأشار إلى أن فلسطين تحمل على أرضها عدواً خارجياً استيطانياً يمنع قيام وحدة الأمة بالقوة، وهكذا فإن الأمة تواجه تحديات، إذ عليها أن تتحرر وأن تتوحد، وأن تستثمر إمكانياتها ومواردها الطبيعية.
وأكد النقاش أن صمود المقاومة في فلسطين، وانتصارها في لبنان، وتوجيه ضربة قاصمة لها في العراق، أعطت إمكانية هزيمة العدو الصهيوني هزيمة قاصمة الظهر..

وتحدث علي حتّر من الأردن معرفاً المقاومة بأنها رفض العدوان والاختراق بأشكاله والهيمنة بأشكالها.. مؤكداً أن إمكانية تجسيد الرفض بالعمل بأنواعه من عسكري واقتصادي وثقافي وسياسي وامني.. وفي حالتنا العربية، تمثل المقاومة الركن الأكبر في مشروع أمتنا القومي والإنساني ضد الهيمنة والاستعباد والاحتلال، بسبب تقاعس بعض الأنظمة عن القيام بهذا الدور.
موضحاً أن أمتنا العربية تعاني في الوضع الراهن بعض القضايا وأهمها: وجود الاحتلال بنوعيه (العسكري والإحلالي) المتمثلين في وجود الكيان الصهيوني، إضافة إلى الحصار والضغط على القوى الممانعة، وانتشار ثقافة التشتت والإقليمية، كذلك انتشار ثقافة الهزيمة وانتشار ثقافة الزعيق الغربية، وارتباطات القيادات بالخارج، وتسخير الإعلام العربي الرسمي في معظم الحالات لخدمة مشروع العدو من خلال: فقدان البوصلة والدخول في متاهات القضايا الثانوية، وهزالة وضع الجامعة العربية، ويضيف أنهم يريدون تحويل كافة قضايا الأمة الساخنة إلى قضايا أمنية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث يتهم المقاوم بالإرهاب، والمغامرة والتطرف والعنف، ولا يتهم العنف الأمريكي الصهيوني الوحشي بالإرهاب، إنما هو رسالة لتعريف الشعوب بالديمقراطية التي لا ينالونها حتى لو أصبحوا جثثاً.. إن حصاد الإرهاب الأمريكي الصهيوني لا حدود له، وهو مستمر بضراوة لم يشهدها التاريخ من قبل.

ويقول عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية ومساعد وزير الخارجية المصرية السابق: على أن المقاومة تعني الرفض النفسي والعقلي والوجداني، وهي في هذه المرحلة تتخذ صوراً متعددة منها الفكرية والسياسية والشعبية والعسكرية في مواجهة الاحتلال والعدوان.
ثم تحدث الأشعل عن المشروع الأمريكي الصهيوني فرآى أن له شقين:
الأول: الهيمنة الخارجية على دول الجوار والسيطرة على مواردها الطبيعية في العراق ولبنان وسورية والخليج والشق الثاني: زيادة الهيمنة الصهيونية على فلسطين والتمدد في داخلها، وإذا كان الشق الأول قد تعثر حين لقي مقاومة ضارية في العراق ولبنان، كما لقي ممانعة صلبة وثابتة في سوريا، فإن الشق الثاني المتعلق في الأراضي الفلسطينية تقدم كثيراً، ذلك أن إسرائيل سيطرت على نحو88% من الأراضي الفلسطينية، فيما انقسم الفلسطينيون، وأصبحت بعض الأنظمة العربية تدعي الاعتدال والموضوعية وهو ليس اعتدالاً ولا موضوعية إنما هو استسلام، لا بل أنها خيانة صريحة لأهداف القضية الفلسطينية المركزية للأمة العربية.

وألقى الباحث أمين حطيط من لبنان محاضرة قدم من خلالها لمحة عن الأبعاد التاريخية والسياسية والنضالية للمقاومة وصراع الهوية العربية التي تريد أن تحقق ذاتها في مواجهة المخططات الاستعمارية مشيراً إلى أطماع الكيان الصهيوني والقوى المعادية بالمنطقة وزرع الفتنة وخلق صراعات طائفية ومذهبية من أجل فرض الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعوب العربية، معتبراً أن المقاومة هي التعبير الصادق عن مشاعر الشعب الرافض للعدوان، منوهاً بان المقاومة تنطلق من مبدأ مالك الرزق يكون مالك للقوة وهذا ما حققته سوريا وعرفت الطريق الى المقاومة ولكن المقاومة الاقتصادية في تأمين احتياجات الشعب عندما أدرك القائد الخالد حافظ الأسد في التوسع بالمشاريع الزراعية وزيادة إنتاج القمح والمحاصيل الإستراتيجية الأخرى، مؤكدا أن المشروع التآمري بدأ يتلاشى نتيجة وحدة الفكر المقاوم وثقافة المقاومة وما تحقق في لبنان وفلسطين والعراق هو دليل على انتصار الإرادة المقاومة وهي السبيل لبلوغ الأهداف، والفكر المقاوم لا بد أن يجسد الوحدة لمقاومة المشروع الاستعماري مشيرا إلى دور الشعب المقاوم والذي لا تلبي الأنظمة طموحاته.

وبدوره تناول المفكر يوسف سلامة مراحل تطور الفكر الإنساني والبعد الروحي الذي يقوم به الإنسان لانتزاع مكانة مستقلة بن يكون سيدا حرا وإعطاء نفسه استقلالية الوعي والبعد الثقافي معتبرا بان كل جوهر للمقاومة لإثبات الذات هو جوهر ثقافي للخروج من حالة معينة إلى حالة أرقى للحفاظ على الكرامة والحرية بما يعمق دور الإنسان بفعل المقاومة، منوها أن المقاومة بفكرها قابلة للنقد وقابلة للتطوير والمطلوب أن نجيش الوسائل والوسائط الممكنة حتى نستطيع أن نعمق المشروع الذي تستهدفه تحقيق غاية الأوضاع الإنسانية المرتجاة معتبرا أن المقاومة هي وسيلة وليست غاية للوصول إلى الهدف.


فيما يرى الباحث عطية مسوح أن المجتمع حتى يكون مقاوما حقا لا بد له أن يكون داخل العصر الذي تحدث فيه المقاومة والأسباب في ذلك واضحة فعدوك موجود داخل العصر ويستخدم أحدث منجزات العدوان ويتوجه إليك بكل عوامل التقدم الاقتصادي والثقافي والتقني والعسكري، ويستخدم في حربه معك أحدث ما توصلت إليه علوم النفس والإعلام والاجتماع. ويضيف من أجل معرفة العدو أي تحديد (من نقاوم) ومعرفة الذات (على أية حال نحن؟) نحتاج إلى فكر غير خطابي بعيد عن الخيال والعاطفة والرغبات ولغة غير شعاراتية تساعد على التشخيص الدقيق للواقع وإمكانات التطور. ومن هنا نستطيع أن نتجه الى تأصيل روح المقاومة في مجتمعنا، فالإنسان المبني بناء عقليا منفتحا ومتينا، هو الإنسان المؤهل لأن يكون مقاوما حقيقيا، وهو الخلية الأولى في المجتمع المقاوم.
وفي ختام المهرجان أرسل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان برقية أكد فيه أن المقاومة كتبت بنضال أبنائها ودمائهم واقعاً مفصلياً يشكّل حدّاً فاصلاً بين تاريخين: ما قبلها وما بعدها. فالمقاومة بوجه أكبر قوة عاتية في منطقة الشرق ـ الأوسط، مسطرة في التاريخ حكايات انتصار للحق وراسمة للعالم صوراً من البطولة والقوة.
منوهاً إلى توحد دماء المقاومة الذكية بدماء الجيش اللبناني وبصمود الشعب اللبناني، فمنحت لبنان الرفعة وحققت له الإنجاز الأكبر في تاريخنا المعاصر.

متابعة: ثناء عليان

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق