السبت، 17 يناير 2009

حيدر حيدر: أبحث عن حدث استثنائي..السيرة الذاتية تجريب روائي



كناسك متعبد ومتأمل.. بدا جار البحر, وصاحب (الوليمة لأعشابه), هناك .. اقتحمنا عليه هدأته.. واثرنا جلبة في صومعته البحرية...
ورغم هذه الجلبة التي احدثناها (مثقفين وصحفيين) فقد كان الروائي السوري الكبير حيدر حيدر سعيدا بنا وكان حوارا مفتوحا اذ طغى في البداية رحيل نجيب محفوظ - نظيره المصري- على هذا ا لحوار المفتوح فأشار حيدر الى ان كثيرا من المثقفين تابعوا صاحب ( اولاد حارتنا) بعد نيله جائزة نوبل للآداب, التي استحقها بجدارة, ذلك لفرادته في الرواية العربية فهو رائد ومعلم فيها .‏
ويضيف حيدر معتبرا الضجة التي حدثت بسبب رواية ( اولاد حارتنا) والتي بسببها تعرض محفوظ لمحاولة اغتيال على يد متطرف مصري, قيل انه ينتمي للجماعات الدينية المتشددة, ويراه صاحب ( شموس الغجر ) ان احداً لم يقلده ولا يمكن ذلك سواء بالنسبة له او لحنا مينة, او لعبد الرحمن منيف, لأن له اسلوبا قائماً بذاته وقد وضع لنفسه خطا في الرواية العربية, من خلال تطويره لأدواته واسلوبه لذلك استحق ان يكون رائد الرواية العربية بامتياز.‏
واضاف لا اتصور ان يكون هناك احد يستطيع ان يحل مكانه او ان نرى مثيلا له فهو انسان دخل فضاء الحلم ومن الممكن ان نسمي ذلك نوعاً من الحالات الوداعية.‏
خارطة الرواية‏
وحول خارطة الرواية في العالم العربي يقول من الصعب ان نرسم خارطة لها- حسب حيدر- لأنها حالة تجريبية متطورة, ولكل كاتب اسلوبه وادواته ولغته..‏
فمثلاً انا اختلف عن عبد الرحمن منيف ويختلف عبد الرحمن منيف عن وليد اخلاصي حتى نجيب محفوظ بقي حتى آخر حياته يجرب والسيرة الذاتية ايضا عبارة عن تجريب, التجريب مطلوب , ومن الممكن ان تأخذ موضوع الحداثة لأن اللغة هي هي والاسلوب هو هو, مثلا واسيني الاعرج الكاتب الجزائري المعروف يدعي انه كاتب تجريبي لم يضع للرواية مخططا ثابتا لأنه لا يوجد لها قوانين فالرواية التجريبية تختلف من كاتب لآخر ماعدا بعض الادباء الذين كانوا يعزفون على وتر واحد.‏
بالنسبة للشكل خاصة( التجريبية ) تتم من خلال اللغة والاسلوب- الذي يعطيك حالة مختلفة بين عمل وآخر .‏
فالمهم التجريبي له ارتباط بالمعاش اليومي ومحفوظ كان دائما لديه قلق لا يعرفه لشي ما سوف يحدث وحكى كثيرا عن احداث سجلها في رواياته, ولكن لم تحدث وفي الوقت ذاته ممكنة الحدوث.‏
يتابع حيدر : فاهتمامي مختلف فأنا ابحث عن حدث استثنائي, اكتب رواية تطال في جوانبها المجتمع,وفي جنباتها ايضا شخصيات استثنائية وشخصيات هامشية . . احيانا يكون لديك احساس ان هناك اشياء قد تحدث في لحظة من اللحظات , فأنت تطلق هذا الحدث لترى مدى واقعيته واذا كان هذا الحدث سيتم ام لا .‏
فالأديب ليس مشغولا بنفسه بقدر ما هو مشغول بالآخر العمل الروائي ليسى ما يجري في رأسك فقط وانما ما يجري على الارض من وقائع واحداث , قد تضيف اليها بعض المغالات احيانا, واحيان لا يوجد تطابق بين الواقع والعمل الفني.‏
وفيما اذا كان الكاتب هو مدرسة نفسه, والرواية السورية مشغولة بالتاريخ,يقول الكاتب اعادة صياغة التاريخ هو حق من حقوق الكاتب. البعض يصفه كما وقع هذا عمل المؤرخ فإذا انا قمت بعمل المؤرخ في هذا الحال لم اترك للمؤرخ عملاً.‏
واوضح : ( التاريخي ) احساس داخلي في اعماق الكاتب يتجلى من خلال لمحات واحاسيس موجودة تظهر في العمل الادبي, وليس استنادا للواقع التاريخي الذي حدث في الماضي, ويرى ان الكثير من الاعمال التاريخية التي تكتب روائيا هي هروب من الواقع , فواقعنا المعاش مليء بالاحداث والوقائع وينبغي ان ندخل فيه .. نكتب عن احاسيسنا وعن الحرائق والدمار الذي يحدث وهذه مهمة الاديب الذي يعيش واقعه ومجتمعه!! وعدم قدرة الكاتب على ذلك بسبب خوفه كما هو موجود في الشعر والسينما والرواية - هذه حالة هروبية او نقص في خبرة الكاتب وهذا نقص في الثقافة, فالمثقف يجب ان ينمي تجربته بالحياة وثقافته فيها, وان يرى اللامرئي وما وراء الافق , ويضيف : سئل احد الكتاب انت تكتب بشكل عام, عن مدينة لا تسميها وعن اشخاص من الممكن ان يكونوا موجودين فأجاب اريد ان يقرأني كل انسان في العالم وان لا تصادر رواياتي, هذا يثبت ما قاله بأنه هروب او خوف.‏
الوليمة‏
وعن الاثر الذي تركته روايته و( وليمة لأعشاب البحر ) والتي اثارت ضجة كبيرة وخلقت اشكالية فكرية واجتماعية, وصلت الى حد ان بعض رجال الدين هدروا لأنه كتبها بجرأة وسمى الاشياء بأسمائها ولكن بأسلوب فني وجديد, يقول: فقد بقيت الرواية ممنوعة لمدة اثنتي عشرة سنة, وانا اشعر بمرارة عندما اكتب ولا أقرأ, والمسألة هي عندما تواجه واقعا تواجهه بشكل نقدي وانت في بلدانٍ نسبة الامية فيها يزيد على 50% ومن ثم السؤال هنا هل هذا ( الكتل) الشعبية نقرأ, الجواب لا ?!‏
نجيب محفوظ من اكثر الروائيين العربي الذين طبعت اعمالهم.. آخر فترة طبع منها /6/ آلاف نسخة فقط , بينما الكتاب مثلي, ومثل عبد الرحمن منيف يطبعون فقط ألفي نسخة على الاكثر فنحن امام مجتمع شبه امي لأن الفلاح لا يقرأ وكذلك الطبيب والمهندس والذين يقرؤون هم طلاب الجامعة وبعض الموظفين في مؤسسات الدولة ونخبة ا لمثقفين ( صحفيون وادباء وكتاب ) يوجد في المجتمع بعض الجاهلين والذي قام بتحريض الاصوليين في مصر ضد رواية وليمة لأعشاب البحر طبيب كتب مقالاً تحريضياً فالمثقف الاصولي قادر ان يحرض اكثر من المثقف الطليعي.‏
وانا لم افرح بازدياد عدد قراء وليمة لأعشاب البحر, لأن هناك من قرأها فقط من باب الفضول فأنا اكتب لمن يقرأ للمنفعة الفنية.‏
وفيما اذا اراد احد المخرجين اخذ أحد رواياته ليقوم باخراجها كفيلم او مسلسل يبدي حيدر حيدر موافقته بشرط ان يكون ذلك تحت اشرافه, كما ابدى عدم ثقته بالاعلام التلفزيوني لأنهم لا يسمحون بأن يقال كل شيء فالكاتب او الفنان او الشاعر هو بحد ذاته مؤسسة.‏
وعن تجربة رواية الفهد كفيلم يقول كنت وقتها في الجزائر وكان لي احتجاج كبير على الاخراج, ذلك ان نبيل المالح تصرف بكثير من الخصوصية حيث حذف الكثير من الاحداث وكان هناك خصومة بيني وبينه بسبب الفيلم .‏
الرقيب‏
ويرى من جانب آخرأن العلاقة بين الاديب والسلطة تختلف بين اديب وآخر, فمثلا نجيب محفوظ في روايته (اولاد حارتنا ) قال اذا لم يوافق الازهر على نشر الرواية لن اسمح بنشرها وطباعتها, بالنسبة لي قد لا يكون موقفي مثل موقفه , وقد يكون شبيهاً لموقفه حسب الحالة. فيما قيل عن وليمة لأعشاب البحر لم اتأثر ابدا وسئلت اكثر من مرة اذا كنت قد غيرت فيها بعض الكلمات او العبارات لكنني لم اغير فيها اي شيء حتى الفاصلة لم اغيرها وثمة الكثير من النقاد المصريين قرؤوها مثل فاروق عبد القادر ومحمود امين ونفى انه كتب الرواية الشعرية فهو يكتب رواية ذات مناخ شعري وليس رواية شعرية, واعطى مثالاً على ان سليم بركات هو من يكتب رواية شعرية ويضيف انه ميال لقراءة الرواية العالمية المترجمة.‏
ويذكر ان هناك سطوة من قبل المرأة المهيمنة على الرجل, وهي تتباهى ثقافيا فهذا الاستعراض الثقافي مقيت ومثال ذلك احلام مستغانمي, فيما تهيمن الذكورة والجنس في كتابات علوية صبح وهدى بركات, لكنه يحب بهاء الطاهر وقد قرأه في منفاه .‏
ويذكر حيدر حيدر اخيراً :‏
ان المقاومة في لبنان كانت رائعة وتمنى لو يعود به ا لعمر ربع قرن أو اكثر الى الوراء لكان في صفوف المقاومة في جنوب لبنان .‏
ثناء عليان

بساطة الصورة تترافق بكثافة الدلالة

لا يمكن للمتلقي ان يمر عابراً امام لوحته, ذلك ان علي محمد يحشد فيها كما هائلا من الرموز, رموز جميعها مؤولة أي لها تأويلاتها التي لا تنتهي, وهذا ما بدا واضحا في معرضه الاحدث في المركز الثقافي العربي بأبي رمان مؤخراً والذي ضم أكثر من أربعين لوحة.
عن هذه الحمولات التي يحشدها في اللوحة يذكر الفنان التشكيلي علي محمد انها محاولة لحيازة ومعرفة الوقت عبر التكوينات البصرية, ضمن موضوعات تخص الوقت واخرى تعنى بالمعرفة, باعادة تشكيل مكونات المكان والزمن وفق ارتباطات العناصر الدالة وتوظيف الدلالة بحدها الاقصى للوصول الى تعددية المكونات بالعنصر الدلالي الواحد, وتكثيف دلالات عناصر اللوحة يبنى على ايجاد صيغ ارتباطات بين العناصر , ما يؤسس لتكوين دلالات بصرية معرفية ناتجة عن توزيع العناصر على سطح اللوحة, ومكونات تلك العناصر من مساحة وخط ولون , وتلك الدلالات بارتباطاتها ببعض لا تحتمل التأويل.‏
وعن تسمية معرضه ( حمولات) فيذكر ان المعرض او اسم اللوحة هو مدخل للولوج الى بنية المتن الثقافي وبالتسمية هو قراءة الاصدقاء التي أتت متوافقة مع قراءتي لتسميته , وهي تسمية مطابقة لمحتوى المعرض بشكل عام او على مستوى اللوحة الواحدة.‏
ولكن ألا تخشى من تشتت ذهن المتلقي للوحتك? أسأله : فيجيب:‏
بالتأكيد لا اخشى من تشتت ذهن المتلقي خاصة بحال توفر ا لوقت المناسب لقراءة اللوحة فاللوحة مبنية وفق تركيبة التفكيك, يكفي ان يفكك المتلقي عناصر اللوحة, بمعنى عناصر البناء المؤلفة لها, من عناصر تجسيدية وألوان ومساحات وحجوم المجسدات وارتباطاتها ببعض لتتكون الجملة الاسمية للوحة فالجملة المعرفية.‏
وعن ذكر أحد النقاد ان علي محمد يشتغل سورياليا لكن بعيدا عن بيان السوريالية الاولى كيف تقرأ ذلك ,وهل يمكن ان يكون الفنان سورياليا وبعيدا عن السوريالية الاولى يجيب : ايضا بيان السوريالية الاول مضى عليه ما يقارب القرن وكان نتيجة لمقدمات اشكالية تمخضت عن حراك اجتماعي وثقافي هي مغايرة للمكونات الحالية, هذا في جانب وفي جانب آخر هناك العنصر البيئي والثقافي والزمني يضاف اليهم تراكم تجارب وثقافات عامة وخاصة, الضروري دائما التجريب والاستدلال لتطوير المشهد الجمالي البصري والمعرفي البصري استناداً على قاعدة الجمالي المعرفي البصرية, اما امكانية ان يكون الفنان سورياليا وبعيدا عن السوريالية الاولى فالتراكم البصري المالي المعرفي يحرر الفنان ويفسح له المجال لاظهار تجربته الخاصة, مستفيدا من المستوى والنتائج التي حققتها المدرسة ومستنداً عليها .‏
وعندما سألته ماذا بقي من تلك السوريالية في لوحتك فيذكر: المتبقي هو ان الاستناد الاول بتأسيس اللوحة يستند على المفاهيم السريالية اعادة بناء الواقع المعرفي بصريا متضمنة الدلالات الجمالية المرتبط بالتداعي الداخلي الحر, والسريالية ببنيتها تجديد.‏
لكن شاهدنا في معرضك الاخير احتمالين في اللوحة الأولى موضوع الحمولات وقسرها في اللوحة أي البحث لصالح الجمالية البصرية وفي الاحتمال الثاني شاهدنا العكس اشتغلت على تكثيف المعنى والحمولات عن ذلك يقول:‏
ربما ولكن في المستوى الثاني الحالة البصرية المقصودة كانت تطوير لسابقتها بمعنى تبسيط العناصر او تبسيط الصورة لمصلحة تكثيف المعنى فبساطة الصورة تترافق بكثافة الدلالة عبر زيادة ارتباطات قانون تشكيل اللوحة الداخلي من عناصر اللون والمساحة والخطوط وتكوين اللوحة الرئيسي اما الحمولات في اللوحة الاولى فكانت تعتمد على الزيادة في مكونات عناصر اللوحة واتساع الموضوع اما الثاني فكان الموضوع اكثر تخصصا وتفصيلا.‏
ثناء عليان

في ميزان النقد الأدبي


مشظاة بين الامكنة والعادات والاقاليم والمناخات, كانت حياة الشاعر الدبلوماسي عمر ابي ريشة, في البداية كان السفر في المكان لكن السفر لم يكن اختيارا اتاه بل كان قدرا ومصيرا.
كان دبلوماسيا من المشتغلين بالسياسة, وشاعرا تشرب الاحلام الكبيرة ايام كانت هشة طرية مشتهاة. هذا ما جاء على لسان الدكتور محمد لطفي اليوسفي في الندوة التي اقيمت في دار الكتب الوطنية في حلب والتي جمعها في كتاب صادر عن وزارة الثقافة نزيه خوري,بعنوان الشاعر عمر ابو ريشة.‏
كتب ابو ريشة القصيدة الغنائية وجرب القصيدة الملحمية والمسرحية الغنائية ( الاوبيرت) والشاعر في نظره رائد يقف في مقدمة بني قومه. واصفا الذي يشرف به الشعر:‏
شاخص الطرف في رحاب الفضاء
فوق طود عالي المناكب ناء‏
يرقب الفجر والندى مالىء برديه‏
والشعر مائج في الهواء‏
يرى محمد قجة هنا ان شعر ابي ريشة هو استجابة للواقع واستجابة لعدة هواتف لا سيما هواتف نفسه وهواتف الجماعة, هذا ما يقوله سالم المعوش, وهواتف نفس الشاعر كثيرة ومتنوعة. حيث نراه يقف خطيبا وشاعرا قبل ان يبلغ الثامنة عشرة من عمره, فقد احس برسالته في نصرة العرب والدفاع عنهم فها هو ذا في ( بنات الشاعر) وفي حفل تأبين الاخطل الصغير, يرسل كلماته مدوية فيقول:‏
وحش الغزاة تمطى في مرابعه‏
وشدقه عن لعاب الكيد منحسر‏
ينساب بالنهم الطاغي وشرته‏
مسنونة الناب لا تبقى ولا تذر‏
اما في قصائده الغزلية وسواها نجد اتساع الرقعة الرومنطقية في شخصيته, علاوة على الرمز والواقعية وسعة الخيال التي كانت تملأ شعره المليء بالحنين والرغبة والالم والفرح وهي شجون وفتون نجدها في قصيدته ( عودي ) عبر الحوار الطويل الذي يديره الشاعر بينه وبين حبيبته التي تبادره الى القول في مطلعها :‏
قالت مللتك, اذهب, فلست نادمة‏
على فراقك.. ان الحب ليس لنا‏
سقيتك المر من كأسي شفيت بها‏
حقدي عليك .. ومالي عن شقاك غنى‏
لكن يمضي وحيدا من غير عودة اليها فيقول‏
نسيت ما بي... هزتني فجاءتها‏
وفجرت من حناني كل ما كمنا‏
وصحت .. يا فتنتي! ما تفعلين‏
البرد يؤذيك عودي.. لن اعود انا‏
لقد احب ابو ريشة الطبيعة لحد التصوف وتوحد معها وراح يعبر من خلالها عن مشاعره, وهو يمنحها الحياة والقيمة- ولا يتخذها مجرد مادة للتصوير, بل هي حية متحركة-فيوظف الطبيعة في شعره ليرسم ثلاث لوحات للفجر والظهيرة والمساء, ويصور الكون في تحركه وتغيره, فيصور الفجر فيقول:‏
نهض الفجر مثقلا يتلوى‏
فوق صدر الطبيعة الخرساء‏
كما يصف الظهيرة التي تأتي لتعبر عن كسل ثقيل, فتضعف الحركة وتفتر :‏
هبط السهل والهجيرة تنقض‏
وتطوي مطارف الافياء‏
ويصف المساء الذي يبدو اكثر اثارة لما تعج به من الوان صاخبة وما تموج به من حركة فاجعة:‏
بلغ المنحنى فجاز مدى الطرف‏
بحس مفجع الانباء‏
الشاعر يعتمد على ثلاثة اساليب هي : القص والتصوير والمقارنة- لذلك نرى ان موقف الشاعر من الطبيعة في تعدده وتنوعه وغناه هو موقف اخلاقي يدل على طبيعة الحضارة العربية والثقافة الصوفية-هذا ما كان عليه بحث الدكتور احمد زياد محبك.‏
من جهته يذكر الناقد خليل الموسى في بحثه ان القصيدة عند ابي ريشة ذات بناء غنائي ملحمي,وثمة قصائد اخرى ذات بنية سردية من التراثين الديني والادبي, فمن التراث الديني قصيدة ( دليلة ) عام 1962 وهي من ستة مقاطع و 44 بيتا يسرد فيها الراوي حكايته مع غادة سناء,وعن قصيدته( شاعر وشاعر) فقد ألقيت في الجامعة السورية بدمشق في المهرجان الألفي لأبي الطيب المتنبي وهي مؤلفة من ثمانية مقاطع و 93 بيتا من وزن الخفيف - حيث يبدأ الراوي هذه القصيدة بمقدمة طويلة عن الشاعر وهي قصيدة تصح على المتنبي كما تصح على سواه من الشعراء.‏
وقصيدته الثانية بعنوان ( حاقد ) يحكي فيها قصة امرأة أحبها حبا عظيما, لكنها قابلته ببرود اعصابها فحقد عليها كذلك قصيدته بعنوان ( عزاء) وهي شبيهة بقصيدة (حاقد) في موضوعها واحساساتها .‏
فيما نجد شخصيات عمر في قصائده تتوزع بين البطولة الملحمية مثل (محمد - خالد - فدائى) والبطولة التراجيدية ( بلبل-نسر) وهذا يعني انه ينطلق دائما من القيم العظيمة التي تميز بها اجداده العرب الميامين وحديثه عن البطولات الجماعية والفردية هو اقرب الى شعراء مدرسة الاحياء في هذا المجال - ونجد في قصائده تماسكا وقصرا وتكثيفا مع ان الايقاع السردي كان وما يزال سببا رئيسياً في طول القصيدة من حيث الحجم , وهذا يثبت انه من شعراء القصيدة القصيرة غالبا وانه اولى جماليات الصياغة اهتماماته - فهو يميل الى مدرسة الاحياء في امرين: اولهما انه يستلهم التراث للتعبير بوساطته عن تجربة معاصرة, وثانيهما انه يميل الى الوضوح والتفسير والرمزية تنأى عنهما .‏
الناقد العراقي عبد الواحد لؤلؤة تحدث عن جماليات الابداع في شعر عمر ابي ريشة-والملامح الرومانسية-في سيرة الشاعر ويخبرنا ان والده ارسله الى مانشستر البريطانية ليدرس (كيمياء الاصباغ والنسيج)- لكن الشاعر تغلب على الصناعي فيه, فانقلب الى دراسة الادب الانكليزي ولانعرف كم من ذلك الادب استوعبه عمر في اقامته القصيرة في بريطانية التي غادرها دون اكمال دراسته-لكن موهبة الشاعر كانت اكبر من ثقافته او خبرته لقد كان ابو ريشة محقا في قوله ان ما يبدو في شعره من اطياف الغرب ( انما هو ) نوع من الاثر والتأثر من غير قصد لدى قراءة قصيدة افرست:‏
اليك غير الظن لا يرتقي‏
يا عاصب الغيم على المفرق‏
لأنت مجلى الارض في شوقها‏
الى البعيد المترف الشيق‏
لكن الرومانسية في قصيدة ( بلبل ) تقوم على الايحاء دون البوح وعلى التأمل دون الخطابية المنبرية:‏
حلم تخلى عنه في رغده‏
هل يقدر النوح على رده‏
لو يعلم الصياد ما صيده‏
لم يجعل البلبل في صيده‏
وعن العلامات على شعرية ( عمر ابو ريشة ) يذكر الناقد المصري صلاح فضل:‏
ان جديلة الضوء في شعرية ابي ريشة تتألف من ثلاثة خصلات مضفورة يغلب عليها الشغف بالانثى فيما لا يعتبر من قبيل الوله العاطفي الحاد.‏
يدرج شعر ابي ريشة في سياق التيار الرومانسي ا لذي كان غالبا على ابناء جيله - خاصة ممن بلغوا مراحل نضجهم الفكري والابداعي-لكن السمة المائزة لشعريته في هذا الاطار اكثر تعقيدا من ان تحمل في كلمة واحدة, فهناك رومانسيات عربية مخالفة لنظائرها الغربية- والطريف ان ابا ريشة كان يمتلك شهوة التغير والاصلاح.‏

ثناء عليان

رحالة إسبانيون أغوتهم الشام..

حجاج ودبلوماسيون، ومثقفون و.. عابروا آفاق..!!
ثمة أجانب كثر قدموا إلى دمشق عاشوا أجواءها الشرقية، ولامسوا التاريخ البعيد والمعاصر، من هؤلاء الأجانب كان ثمة أسبان، وهؤلاء ينقسمون بين رسميين خدموا بلادهم في دمشق أو رحالة أغوتهم الشام، حيث أقاموا حواراً حضارياً بين دمشق وبلاد الأندلس.عن الأسبان الذين قدموا إلى دمشق- كانت مؤخراً محاضرة مدير معهد ثربانتيس (بابلو مارتين أسويرو) يذكر خلالها:أنه في نهاية القرن التاسع عشر ونتيجة نشؤء الصناعات في برشلونة ازداد تمويل أصحاب الصناعات للصحف والمجلات لأنهم كانوا يهتمون بالقراءات عن السياحة والرحلات إلى الشرق وتلك المناطق البعيدة التي لا يعرفون عنها شيئاً.وأن النصوص الأدبية التي نقلها الرحالة واهتموا بها تنقسم إلى ثلاثة أنواع، أولها الأدب الرومانسي الذي يغلب عليه الخيال البعيد عن الواقعية، والثاني الحداثة التي ظهرت بداية القرن العشرين، والتي تتحدث عن الواقعية والطبيعة وتبرز الجمال، وثالثها نصوص ومقالات ويوميات لرحالة ودبلوماسيين. دومنيكو .. علي بك وباعتبار إسبانيا دولة كاثوليكية بامتياز كما يذكر كانت تعير اهتماماً بالحج إلى الأماكن والأراضي المقدسة لرؤية المناطق التي ولد فيها السيد المسيح، وكان الرحالة يقومون برحلات استكشافية إلى الأماكن المقدسة، وأشهرهم الرحالة دومنيكو باديّا ليبلش الذي ولد في برشلونة من أم ألمانية المنشأ وكان جاسوساً معروفاً، لقب باسم علي بك الكبير أو العباسي، قام برحلة عبر المتوسط إلى مصر حتى وصل إلى المنطقة المقدسة، وتركيا وهناك تم الكشف عن شخصيته كجاسوس لصالح فرنسا أثناء هجومها على إسبانيا، كان لديه الكثير من المعلومات وألف الكثير من الكتب وكان يوقع عليها باسم علي بك الكبير، كما كان يعرف عن نفسه أنه تاجر سوري ويعيش في لندن، طبع أول كتاب له بالفرنسية، لأن ملك إسبانيا فرناندو السابع لم يعف عنه لأنه كان يتعامل مع فرنسا، وفي الثلاثينيات وضع كتابه الثاني لكن لم يكن يحوي على أطلس، إنما احتوى على الكثير من المعلومات عن دمشق، ثم سافر إلى ما يسمى بالسعودية اليوم وكتب عن الوهابين، وهو أول من كتب عن المسجد الأموي من الأوروبيين عام 1907، ثم جاء إلى الناصرة على أنه ابن ملك المغرب وهو أول من دخل إلى المناطق الشرقية وترك وثائق مكتوبة وموثقة، وكان يطلق على دمشق اسم الشام وكان يصفها بالواحة الخضراء في وسط الصحراء.السلطانة دمشقويذكر أن أنريكي كومث كاريّو الذي ولد سنة 1873-1927 أرسل إلى الصين وألف كتاب (رحلة إلى الصين) كذلك الدبلوماسي أدولفو مينتابيري الذي عمل قنصلاً في دمشق عام 1866 وكتب عنها في كتابه الأول من مدريد إلى القسطنطينية وكتابه الثاني رحلة إلى الشرق الذي صنف ضمن قائمة الكتب البديعة وصف فيه دمشق في لوحة بانورامية بأنها أبراج بيضاء وواحة خضراء تبدو كأنها سلطانة استحمت للتو بنهر بردى.ويرى بابلو: أن أفضل من كتب عن الواقعية الدبلوماسي التشيلي آدلفو دي ريبادي نيرا الذي وثق زيارته في كتابه (من سيلان إلى دمشق) وقد مر بتركيا وسوريا ومصر بين شهر تشرين الأول و كانون الأول من عام 1911، نشر في العديد من الصحف في مدريد ، والأرجنتين والمكسيك حول أماكن شاهدها خلال رحلته إلى الشرق وعن شعوب عاشت في سورية، ثم طلب منه الذهاب إلى إيران وهناك ألف كتاباً عن العمق الإيراني وهو يتألف من ثلاثة أجزاء، ويعتبر من المراجع القليلة التي تتحدث عن إيران وأصفهان وعن الخليج التي تطل على إيران ثم عاد إلى إسبانيا، وعمل مترجماً فيها، وعاش في المنطقة الشرقية منها.يضيف أسويرو: أن مانويل كينتانا الذي كان قنصلاً في بيروت من عام 1874 حتى 1875 كتب عن سوريا ولبنان تحدث فيه عن شعوب تلك المنطقة، وعن التنوع الطائفي والديني فيها، كتب بعض التقارير ونشرها على شكل كتاب، ظهر هذا الكتاب في إسبانيا عام 1877 وأهداه للملك ألفونس الثاني عشر.آخر رحالة أو بلوماسي آخر هو فرناندو أراندا، كان والده موسيقياً يعمل في قصر السلطان عبد الحميد في الباب العالي، جاء عام 1903 وشغل منصب القنصل الفخري لمدة ثلاثين عاماً وفي الوقت ذاته كان مهندس معماري، هو من صمم محطة الحجاز وفندق زنوبيا، كتب الكثير عن دمشق، وعن الأحوال السياسية فيها والعلاقات الدبلوماسية بين سوريا وإسبانيا توفي فيها عام 1969.أخيراً: يختم أسويرو أن الأهمية تكمن في تلك الكتب التي ألفها هؤلاء الرحالة لما تحويه من صور ومعلومات عن الشرق ودمشق، والبعض منها مازالت تستخدم كمرجع إلى اليوم.
متابعة: ثناء عليان

أحمد الزين: أنا ابن البلد ... ابن الهواء العربي


اللقاء مع أحمد الزين له نكهة خاصة.. ويدفع بالمحاور الشغف للاطلاع على ثلاثين سنة تنقل بها الزين بين عدد


من المنابر الفنية( مسرح,سينما,تلفزيون) ولدى اشتداد الازمة اللبنانية في السبعينيات والثمانينيات التي أدت الى تدهور منابره الثلاثة السالفة الذكر, شدته شخصية ابن البلد ليطلقها على الهواء مباشرة من اذاعة صوت لبنان العربي, فصوت الشعب, فمؤسسة المنار مؤخرا.‏

أحمد الزين الذي وقف امام مسرح شوشو وتابع المشوار مع المسرح السياسي, وللوقوف على هذا المشوار الطويل على الصعيد الفني كان لنا هذا اللقاء.‏

* ارتبط مسرح أحمد الزين بجرعة كبيرة من السياسة-لماذا كان اصرارك على هذا النوع من المسرح ?‏

** يمكن لأنني خلقت من بيئة تأخذ كثيراً جرعات سياسية, او بقعة جغرافية اسمها الجنوب اللبناني الذي عانى من الاحتلال الاسرائيلي على حدوده في فلسطين المحتلة, ويمكن لأنني وعيت على شخصية جمال عبد ا لناصر اضافة الى انني متابع للوضع السياسي ولكل هذا التمزق.‏

* على صعيد المسرح العربي ايهما اقرب اليك مسرحياً دريد لحام ام محمد صبحي?‏

** محمد صبحي - وأحب دريد لحام في (كاسك ياوطن) و (ضيعة تشرين) لكني أجد محمد صبحي أقرب الي لأنه لا يتكئ على الأفت السياسي, فهو ملتزم بخط وطني مسرحي واضح , ويكاد لا يوجد غيره في القاهرة, كذلك العمر يلعب دوراً, بالنسبة لدريد لا يزال مستمرا بعد كل هذا العمر.‏

* ألا ترى ان السياسة توقع المسرح في مطب المباشرة?‏

** لما لا أنا مع المباشرة مئة بالمئة, لأ كل التآمر كان علينا مباشرة, الاحتلال مباشرة, مؤامرة مذهبة المنطقة مباشرة- في السياسة كل شيء فوق الطاولة, إلا المسرح المرمز تحت الطاولة, فلما لا يكون المسرح مباشراً.‏

* كان لأحمد الزين تجربة سينمائية رائعة في البداية, لكن من زمن لم نره سينمائيا , كيف تقيم تجربتك السينمائية السابقة ثم لماذا هذا الانقطاع ?‏

** لست منقطعاً فمنذ ثلاث سنوات كان لي فيلم سينمائي اسمه (طيف المدينة) يتحدث الفيلم عن الحرب اللبنانية, للمخرج جان شمعون, وبطولة مجدي مشموشي, كريستين خوري, عمار شلق, لكن الآن لا يوجد سينما لنكون موجودين لأن هذا الزمن هو زمن التلفزيون والفضائيات.‏

* شوهد أحمد الزين في اكثر من مسلسل سوري, واخيراً كان في مسلسل باب الحارة شخصية(التاجر الأرمني) كيف تعايش ابن الجنوب مع ازقة دمشق وحلب?‏

** يزداد حنيني لأزقة دمشق القديمة اشعر انني منها, ولأنه لم يعد هناك في بيروت, ساحة البرج, وسوق السمك, لأنهم استبدلوها بالسوليدير, اما عن مشاركتي بالدراما السورية ليست جديدة فمن بداية الحرب اللبنانية شاركت في عمل ( قمر نيسان الحزين) مع هاني الروماني, وما زلت مشاركاً بالدراما السورية لأنها بيئتي وهؤلاء الذين أعمل معهم هم اهلي وناسي, ولم اشعر يوماً بأنني نجم لبناني في سورية.‏

* كيف تقيم هذه التجربة مع الدراما السورية?‏

** كل مشاركاتي تشرفني وسعيد بكل الادوار التي قدمتها مع كل المخرجين والفنانين.‏

* شخصية ابن البلد المغلوب على امره-تارة, والناقم تارة اخرى, ما مدى قربها من احمد الزين ومن ضميره?‏

** بكثير من الاختصار ( ابن البلد ) هو أحمد الزين, ابو حسن, ابن الجنوب, هو عربي الهواء, هذا موقف سياسي لا علاقة له بالفن.‏

* ماذا لدى أحمد الزين قريباً, مسرحاً كان ام دراما او سينما?‏

** أنا أتبع قول ( واستعينوا على قضاء حوائجكم بالكتمان) هناك ثلاثة احصنة, الجواد الذي يسبق انا عليه .‏

حوار: ثناء عليان

جان شمعون: الفيلم الوثائقي أصدق ويحفظ الذاكرة التاريخية للشعوب


جان شمعون من أهم مخرجي الأفلام الوثائقية في تاريخ السينما اللبنانية والعربية، شكّل علامة فارقة بهذا الاكتفاء بالفيلم الوثائقي، لتقديم سينما مميزة بهذا العدد الذي لا يستهان به من هذه الأفلام التي تناولت شخصيات وأحداث كان لها دورها الاستثنائي، أما فيما يخص القضية الفلسطينية والأوضاع السياسية والاجتياح الإسرائيلي للبنان فقدم شمعون أفلام مثل: حنين الغوردل، أرض النساء، طيف المدينة، رهينة الانتظار، أنشودة الأحرار، تل الزعتر، الناس والأحداث، جان شمعون الذي يشارك هذه الأيام في لجنة تحكيم الأفلام الروائية في القاهرة يتحدث لـ "البناء"عن مسيرته الإخراجية ورحلته مع الفيلم الوثائقي، فإلى تفاصيل هذا الحوار:
دوكيو- دراما
* أنت تنتمي إلى الجيل المؤسس للسينما اللبنانية الجديدة، أي جيل برهان علوية ومارون بغدادي، غير أن هذا الانتماء لم يمنعك من أن تشكل (حالة خاصة) انطلاقاً من النوع السينمائي الذي ارتبط باسمك أي النوع التسجيلي، كيف تقرأ هذه الحالة اليوم؟
** أنا ضد كلمة تسجيلي ولدي موقف من هذه الكلمة، واعتُبرها ارتجالية وغير دقيقة بالمعنى العلمي.
عندما اخترعا الأخوين لاميير الكاميرا واكتشفا أنها أداة هامة تستطيع أن تلتقط الواقع على حقيقته مثلما هو، والتقاط صور متحركة طبيعية للواقع اليومي ثم تطورت الأفكار عند الإنسان وأصبح خياله يستخدم هذه الآلة (آلة التصوير بالعربي)، باختيار مواضيع من هذا الواقع الحقيقي، فتطور الأسلوب إلى التأثر بالعمل المسرحي.
* كيف؟
** مثلاً "جورج مليس" هو من الناس الذين كان لهم اهتمامات كثيرة في المسرح وكان يحقق مسرحيات، وتأثر بالذين كانوا يستعملون الكاميرا في بداية اكتشافها وبدؤوا يكتبون قصص لتصويرها بالكاميرا وهذا ما سمي فيما بعد بالفيلم الروائي.
وقصة الصراع أو الإشكالية التي أوجدتها تسمية تسجيلية، فعلمياً لا نستطيع أن نشوه التسميات، فنحن لم نخترع السينما بل هي أداة نستعملها للتعبير عن أفكار ومواضيع عديدة في الحياة، عن الإنسان ومستقبله وتاريخه، ونستطيع أن نعبر عن هذه المضامين والمواضيع بإسلوب وثائقي، ووثائقي درامي يسمى (دوكيو- دراما) والدراما الروائي، والوثائقي الدرامي هو المزيج بين القصة الدرامية التي تعتمد بناء الموضوع بواسطة ممثلين وليس شخصيات حقيقية، وهذا النوع من السينما الروائية تعتمد على هؤلاء الحرفيين الذين يمثلون بالمسرح والتلفزيون والسينما وعلى الأمكنة والديكور التي تستعمل للفيلم الذي هو قلب الموضوع، والفيلم الروائي يختلف عن الوثائقي من الناحية التقنية بشكل بسيط، إذ يعتمد بشكل أساسي على الاحتراف من قبل الممثلين للشخصية (دوكيو- دراما) أما الفيلم الوثائقي فيعتمد على شخصيات حقيقية من الواقع، على الرغم أن أغلب المشاهد في الفيلم الوثائقي يدور فيها حواراً بين شخصياته- وأحياناً يوجد مشاهد نعتقد أنها دوكيو- دراما.
ممسحة المعبد
* البعض يراك تنتمي إلى السينما الفلسطينية أكثر من انتمائك للسينما اللبنانية، ما رأيك؟
** أعتقد أن هذا ما يسمى بالميول الفكرية والانتماء الإنساني لوقائع القضية الفلسطينية وهي تعنيني بالدرجة الأولى وتعتبر قضية عربية وإنسانية، تهم كل إنسان عربي بكل صدق، من هنا جاء اهتمامي وانتمائي للسينما الفلسطينية والتزامي بالقضية الفلسطينية، التي هي قضية أساسية.
* استخدمت السينما سلاحاً ضد الظلم والموت من خلال إنتاجك لأفلام تتحدث عن القضية الفلسطينية وعن الحرب الأهلية في لبنان، كيف قاربت هذه الأحداث سينمائياً؟
** الصراع ضد الحركة الصهيونية هو صراع حقيقي وإنساني من الناحية الفلسطينية، لأن الإنسان الفلسطيني يدافع عن وجوده، ولا يزال منذ ستين سنة يدافع عن قضيته ويحلم باسترداد أرضه، أما الحرب الأهلية في لبنان تختلف، فهي صراع داخلي نشأ من تدخلات خارجية، ومن تناقض داخلي، هذه الحرب لم تكن مفاجأة لأن طبيعة هذا المجتمع (أي المجتمع اللبناني) يحمل تناقضات حساسة جداً خاصة على المستوى الطائفي ومستوى الانتماء الفكري والإنساني- قاربتها من خلال مستويين الأول الصراع الفلسطيني الصهيوني الذي احتل أرضه، واللبناني الذي كان يقتل من أجل الحفاظ على وحدة لبنان وإلغاء الطائفية، والفريق الثاني كان يعمل على تقسيم هذا البلد عبر المنحى الطائفي الذي يشكل تراجع فكري وإنساني ووطني- نحن هنا نتحدث عن مصير وطن من الممكن أن يتفتت ويزول ولم يعد له وجود، لهذا السبب الصراع العنيف الذي امتد لمدة (خمسة عشر سنة) شكل خطراً ونتائج أضعفت بناء هذا الوطن مستقبلياً، وعندما صورت القضية الفلسطينية والحرب الأهلية اللبنانية جعلت المشاهد يرى الحقائق على أرض الواقع كما هي سواء في لبنان أو فلسطين.
* البعض يرى أن الفيلم الوثائقي "ممسحة المعبد" أي سينما من درجة ثانية فما الذي أغراك في هذا النوع من السينما؟
** ابتداءً من قناعتي أن الفيلم الوثائقي بشكل عام هو أصدق، يعتمد على حقائق ووقائع موجودة بالواقع، ويؤرخ لفترة أو حادثة أو شخصية، ويعتمد على شخصيات حية، ويشد المشاهد لأنه يعكس الحياة الواقعية، ويحفظ الذاكرة التاريخية للشعوب فيما الأفلام الروائية قد يطويها النسيان . بح
فظ الذاكرة التاريخية للشعوب بحفظ الذاك انطون سعادة رة التاريخية للشعوب
* أين أصبح مشروع إخراجك فيلم عن المفكر انطون سعادة؟
** توقف هذا المشروع عام 1982 بداية الاجتياح الإسرائيلي إلى لبنان وكان قد صُور مشهد واحد منه، حتى هذا المشهد لم يكتمل بسبب قصف الطيران الإسرائيلي لمدينة بيروت، والفيلم فيه تصورات تاريخية وشخصيات عاشت جزء من التجارب مع انطون سعادة، ولكن حالة الحرب والأحداث التي عصفت بلبنان هي التي أجبرتنا على إيقاف تصوير الفيلم، لأنه طلب منا تصوير فيلم وثائقي عن الاجتياح وحصار بيروت، وتصوير الواقع بشكل يومي مثل مجزرة صبرا وشاتيلا، ومن بعدها حصل تطور في الوضع اللبناني، وعدة أشياء جعلتنا نرى الواقع كيف أصبح، التناقض بين الإنسان اللبناني والفلسطيني والعدو الصهيوني الذي لا يزال يحتل جزءاً كبيراً من الأراضي اللبنانية، جعلنا نهتم بالواقع أكثر.
* ولكن الحرب انتهت، ما الذي يمنعك من اكمال هذا المشروع؟
** المشروع ما زال قائماً وهو مهم بالنسبة لي، والذي يمنعني هو التمويل، وإذا قُدر لي سوف أقوم بإخراجه كفيلم روائي يتحدث عن شخصية انطون سعادة وتجربته، بعد إن كانت الفكرة أن يكون فيلماً وثائقياً، وقد كان هناك فكرة للاتصال بمغتربين لبنانين للمساهمة في تمويل هذا الفيلم وإنتاجه وقد ناقشت هذا الموضوع مع أناس قريبين من شخصية انطون سعادة ولكن الأحداث والتطورات التي مر بها لبنان حال دون الاتصال بهم، وأتمنى أن شاء الله أن أنجز هذا الفيلم يوماً ما.
* ما هي أغواءات هذه الشخصية لتكون مداراً لفيلم؟
** لأن انطون سعادة يعتبر من المفكرين الآوائل في القسم الثاني من القرن العشرين في هذه المنطقة، وكان إنساناً صادقاً وجريئاً بمواقفه ضد العدو الصهيوني، وكانت مواقفه واضحة ذات بعد وطني، والبعد الوطني الذي أقصده يشمل الوطن العربي وبالتحديد منطقة المشرق العربي.
* أفلامك كانت عبارة عن مزج الروائي بالوثائقي أي "دوكيو- دراما" حتى في فيلمك الروائي الوحيد (طيف المدينة) لم تبتعد عن النزعة الوثائقية، كيف استطعت أن تجمع بينهما؟
طيف المدينة
** نعم هذا كان في فيلمي (طيف المدينة) المضمون فيه يدخل إلى واقع حقيقي عشته شخصياً كشاهد عاش الحرب وحقق أفلاماً وثائقية وثائقية درامية (دوكيو- دراما) فكان أن أتى يوم وقررت أن أكتب سيناريو (طيف المدينة) واخراجه في مطلع الـ "2000" وقد تم تحقيقه انطلاقاً من المنحى والقناعة التي نؤمن بها في السينما.
* وكـأن مشروع فيلمك الوثائقي جاء على حساب الفيلم الروائي؟
** هي لم تكن على حساب فيلمي الروائي، ولكن هي قناعتي بالأفلام الوثائقية التي تجسد الواقع بكل حذافيره، جزء منه له علاقة بتجارب عشتها أيام الحرب، وباعتقادي أن الفيلم الوثائقي أصعب من الفيلم الروائي على صعيد العمل لعدة أسباب منها: أن الفيلم الروائي عبارة عن فكرة موجودة لدى الكاتب وهذه الفكرة سوف تصبح سيناريو، صحيح أنها مستوحاة من الواقع الحقيقي الذي نعيشه، وسيأتي وقت يتم فيه الإنتهاء من كتابة السيناريو، كما سياتي شخص يجسد هذه الفكرة تمثيلياً، وتحقيق هذا السيناريولفيلم روائي يأتي مريحاً بالنسبة لي ولكن الصعوبة الوحيدة في الفيلم الروائي هو التمويل، أما الفيلم الوثائقي يجب أن يكون المخرج حاضر قبل العمل وخلال التصوير، فالارتجال العفوي الذي يعيشه المخرج خلال التصوير ليس سهلاً لأنه أمام شخصيات حقيقية وليس ممثلون، وإذ لم يكن لديه القدرة لبناء علاقة صادقة وعفوية مع شخصيات الفيلم الوثائقي لن ينجح، لأن العلاقة الإنسانية أهم شيء في العمل السينمائي، والمثل على ذلك أنني حتى الآن جميع الأفلام الوثائقية التي حققتها شخصيات أفلامها أصدقاء لي مدى الحياة.
فيلم الحكاية
* الفيلم الوثائقي لا يسوق له كما يجب، برأيك ما هي الأسباب التي تحول دون تسويقه، وهل تجد تسويق لأفلامك عربياً وعالمياً؟
**هذا يعود لعدم إدراك الجمهور لأهمية الفيلم الوثائقي وثقافته، وكذلك البعد التجاري له دور عند المنتج والموزع، وهناك من يقول أن الإنسان العربي يميل إلى القصة أو الحكاية أو الرواية، من خلال الفيلم الروائي وأنا مع هذه المقولة ، كذلك الفيلم الوثائقي يحكي حكاية أيضاً، ولكن الفرق بين الروائي والوثائقي أن الأول يربط الأمور ببعضها والثاني له أسلوب مختلف، يخبر عن قصة عبر شخصيات حقيقية تضعك أمام واقع حقيقي ليس من الضروري أن يضعك الفيلم الروائي فيه.
* هل تساعد الفضائيات الوثائقية في إعادة الاعتبار للفيلم الوثائقي؟
** نعم.. وكان ثمة التعاون مع قناة الجزيرة منذ سنتين بعد حصول فيلمي أرض النساء على الجائزة الذهبية في مهرجان الجزيرة، حيث اقترحت علي قناة الجزيرة الوثائقية التعاون معها، وأخذت مني أفلاماً وعرضتها منها حنين الغوردل، وقد بدأت العدوى وذلك بسبب ارتفاع المستوى الثقافي وتطور نوعية الأفلام وخاصة على مستوى الفيلم الوثائقي حيث نرى الصدق والعفوية والواقع على حقيقته وفي تفاصيله، وثمة تعود للمشاهد اليوم على هذه النوعية من الأفلام لقربها من واقع الإنسان وهمومه.

بيروت- ثناء عليان

كتاب ومفكرون.. يجددون الوفاء لنهج المقاومة في الرقة



أشار الحاج نواف الموسوي عضو المكتب السياسي لحزب الله ومسؤول العلاقات الدولية في الكلمة التي ألقاها نيابة عن السيد حسن نصر الله إلى تقدير سيد المقاومة لجميع المشاركين في هذا المهرجان وأبناء الأمة العربية والإسلامية اللذين يشربون الفكر المقاوم قولاً وعملاً مشيداً بالجهود والتضحيات التي قدمها الشعب السوري بقيادة السيد الرئيس بشار الأسد للشعب اللبناني والوقوف إلى جانب المقاومة، جاء ذلك خلال مهرجان "الوفاء للمقاومة الذي أقامته مديرية الثقافة في الرقة بالتعاون مع المؤتمر الدائم لمناهضة الغزو الصهيوني.
وأكد الموسوي بأن المقاومة اللبنانية قدمت البطولات والتضحيات من أجل تحقيق الإرادة الحرة، وهي تخوض معركة الحرية والسيادة ضد رموز العدوان والبغي اللذين أرادو النيل من رموز المقاومة وحصر الصراع ضمن الإطار الطائفي الضيق، لكن انتصار المقاومة سياسياً وعسكرياً حقق الثبات في الحفاظ على وحدة وسيادة لبنان وعزز دور سوريا الوطني والقومي في الصراع العربي الصهيوني وصوابية النهج السوري في تمثله للأوضاع العربية الراهنة وحمل رسالة الفكر المقاوم والتصدي للمؤامرات التي تحاك ضد الأمة العربية.

كما ألقى حمود الموسى مدير الثقافة في الرقة كلمة أكد فيها على حقيقة هي أن الأمة لم تمت رغم كل المحاولات الخبيثة لبيعها في أسواق النخاسة.. وها هي جيلاً بعد جيل.. وطليعة بعد طليعة تسلم رايات المقاومة من سابق إلى لاحق على الرغم ما تكابده هذه المقاومة من ظروف العدوان وأشكال الغدر ونكران من يفترض أنهم الأهل، مشيراً إلى معاناة سوريا الممانعة وتحديها أقسى الضغوط التي تواجهها من حصار، وتهميش، ومحاولات تجويع وتطويق.. وخنق.. لكنها مازالت تتشبث بالهدف والغاية.. وترفض كل الإغراءات التي تستهوي الصغار ومن قوت شعبها تقتطع ثمن سلاح لجيشها وشعبها.

وأكد هاني مندس منسق المؤتمر الدائم لمناهضة الغزو الصهيوني أن أمتنا تواجه كل أشكال الاستغلال والاستعمار القديم والحديث ويستخدم كل أشكال الذرائع الإيديولوجية والسياسية والعنصرية لتبرير عدوانيته وفرض هيمنته، هذا إلى جانب السعي الحثيث لإشعال الحروب والفتن التي تؤدي إلى مضاعفة الأرباح الخيالية من خلال بث روح الكراهية والعداء والخوف بين الشعوب، وداخل إطار الشعب الواحد وإثارة النزعات العرقية والطائفية والمذهبية، وتغليب ثقافة الإلغاء والتوحش والانغلاق على ثقافة التمدن والتفاعل الثقافي والإنساني.
موضحاً أن المقاومة في لبنان لم تُفشل، فقط الأهداف السياسية والعسكرية لهذا العدوان "إقامة الشرق الأوسط الجديد" بل عمق المخطط الشامل التدميري، وبهذا المعنى كانت المقاومة هي المتراس الأول المدافع عن القيم الإنسانية وثقافة الانفتاح والانغلاق والقتل والكراهية بدعم من الشقيقة سوريا البلد العربي المقاوم الأول في مواجهة الكيان الصهيوني.

فيما تناول أنيس النقاش الصراع العربي الصهيوني قائلاً: أي صراع في العالم له بداية ونهاية وبين البداية والنهاية محطات تاريخية، قد يكون النصر لهذا الطرف أو ذاك.. ونحن اليوم في صراعنا مع الكيان الصهيوني نقترب من النهايات، ونرى أن النصر سيكون لنا.. وأشار إلى أن فلسطين تحمل على أرضها عدواً خارجياً استيطانياً يمنع قيام وحدة الأمة بالقوة، وهكذا فإن الأمة تواجه تحديات، إذ عليها أن تتحرر وأن تتوحد، وأن تستثمر إمكانياتها ومواردها الطبيعية.
وأكد النقاش أن صمود المقاومة في فلسطين، وانتصارها في لبنان، وتوجيه ضربة قاصمة لها في العراق، أعطت إمكانية هزيمة العدو الصهيوني هزيمة قاصمة الظهر..

وتحدث علي حتّر من الأردن معرفاً المقاومة بأنها رفض العدوان والاختراق بأشكاله والهيمنة بأشكالها.. مؤكداً أن إمكانية تجسيد الرفض بالعمل بأنواعه من عسكري واقتصادي وثقافي وسياسي وامني.. وفي حالتنا العربية، تمثل المقاومة الركن الأكبر في مشروع أمتنا القومي والإنساني ضد الهيمنة والاستعباد والاحتلال، بسبب تقاعس بعض الأنظمة عن القيام بهذا الدور.
موضحاً أن أمتنا العربية تعاني في الوضع الراهن بعض القضايا وأهمها: وجود الاحتلال بنوعيه (العسكري والإحلالي) المتمثلين في وجود الكيان الصهيوني، إضافة إلى الحصار والضغط على القوى الممانعة، وانتشار ثقافة التشتت والإقليمية، كذلك انتشار ثقافة الهزيمة وانتشار ثقافة الزعيق الغربية، وارتباطات القيادات بالخارج، وتسخير الإعلام العربي الرسمي في معظم الحالات لخدمة مشروع العدو من خلال: فقدان البوصلة والدخول في متاهات القضايا الثانوية، وهزالة وضع الجامعة العربية، ويضيف أنهم يريدون تحويل كافة قضايا الأمة الساخنة إلى قضايا أمنية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، حيث يتهم المقاوم بالإرهاب، والمغامرة والتطرف والعنف، ولا يتهم العنف الأمريكي الصهيوني الوحشي بالإرهاب، إنما هو رسالة لتعريف الشعوب بالديمقراطية التي لا ينالونها حتى لو أصبحوا جثثاً.. إن حصاد الإرهاب الأمريكي الصهيوني لا حدود له، وهو مستمر بضراوة لم يشهدها التاريخ من قبل.

ويقول عبد الله الأشعل أستاذ القانون الدولي والعلاقات الدولية ومساعد وزير الخارجية المصرية السابق: على أن المقاومة تعني الرفض النفسي والعقلي والوجداني، وهي في هذه المرحلة تتخذ صوراً متعددة منها الفكرية والسياسية والشعبية والعسكرية في مواجهة الاحتلال والعدوان.
ثم تحدث الأشعل عن المشروع الأمريكي الصهيوني فرآى أن له شقين:
الأول: الهيمنة الخارجية على دول الجوار والسيطرة على مواردها الطبيعية في العراق ولبنان وسورية والخليج والشق الثاني: زيادة الهيمنة الصهيونية على فلسطين والتمدد في داخلها، وإذا كان الشق الأول قد تعثر حين لقي مقاومة ضارية في العراق ولبنان، كما لقي ممانعة صلبة وثابتة في سوريا، فإن الشق الثاني المتعلق في الأراضي الفلسطينية تقدم كثيراً، ذلك أن إسرائيل سيطرت على نحو88% من الأراضي الفلسطينية، فيما انقسم الفلسطينيون، وأصبحت بعض الأنظمة العربية تدعي الاعتدال والموضوعية وهو ليس اعتدالاً ولا موضوعية إنما هو استسلام، لا بل أنها خيانة صريحة لأهداف القضية الفلسطينية المركزية للأمة العربية.

وألقى الباحث أمين حطيط من لبنان محاضرة قدم من خلالها لمحة عن الأبعاد التاريخية والسياسية والنضالية للمقاومة وصراع الهوية العربية التي تريد أن تحقق ذاتها في مواجهة المخططات الاستعمارية مشيراً إلى أطماع الكيان الصهيوني والقوى المعادية بالمنطقة وزرع الفتنة وخلق صراعات طائفية ومذهبية من أجل فرض الهيمنة والسيطرة على مقدرات الشعوب العربية، معتبراً أن المقاومة هي التعبير الصادق عن مشاعر الشعب الرافض للعدوان، منوهاً بان المقاومة تنطلق من مبدأ مالك الرزق يكون مالك للقوة وهذا ما حققته سوريا وعرفت الطريق الى المقاومة ولكن المقاومة الاقتصادية في تأمين احتياجات الشعب عندما أدرك القائد الخالد حافظ الأسد في التوسع بالمشاريع الزراعية وزيادة إنتاج القمح والمحاصيل الإستراتيجية الأخرى، مؤكدا أن المشروع التآمري بدأ يتلاشى نتيجة وحدة الفكر المقاوم وثقافة المقاومة وما تحقق في لبنان وفلسطين والعراق هو دليل على انتصار الإرادة المقاومة وهي السبيل لبلوغ الأهداف، والفكر المقاوم لا بد أن يجسد الوحدة لمقاومة المشروع الاستعماري مشيرا إلى دور الشعب المقاوم والذي لا تلبي الأنظمة طموحاته.

وبدوره تناول المفكر يوسف سلامة مراحل تطور الفكر الإنساني والبعد الروحي الذي يقوم به الإنسان لانتزاع مكانة مستقلة بن يكون سيدا حرا وإعطاء نفسه استقلالية الوعي والبعد الثقافي معتبرا بان كل جوهر للمقاومة لإثبات الذات هو جوهر ثقافي للخروج من حالة معينة إلى حالة أرقى للحفاظ على الكرامة والحرية بما يعمق دور الإنسان بفعل المقاومة، منوها أن المقاومة بفكرها قابلة للنقد وقابلة للتطوير والمطلوب أن نجيش الوسائل والوسائط الممكنة حتى نستطيع أن نعمق المشروع الذي تستهدفه تحقيق غاية الأوضاع الإنسانية المرتجاة معتبرا أن المقاومة هي وسيلة وليست غاية للوصول إلى الهدف.


فيما يرى الباحث عطية مسوح أن المجتمع حتى يكون مقاوما حقا لا بد له أن يكون داخل العصر الذي تحدث فيه المقاومة والأسباب في ذلك واضحة فعدوك موجود داخل العصر ويستخدم أحدث منجزات العدوان ويتوجه إليك بكل عوامل التقدم الاقتصادي والثقافي والتقني والعسكري، ويستخدم في حربه معك أحدث ما توصلت إليه علوم النفس والإعلام والاجتماع. ويضيف من أجل معرفة العدو أي تحديد (من نقاوم) ومعرفة الذات (على أية حال نحن؟) نحتاج إلى فكر غير خطابي بعيد عن الخيال والعاطفة والرغبات ولغة غير شعاراتية تساعد على التشخيص الدقيق للواقع وإمكانات التطور. ومن هنا نستطيع أن نتجه الى تأصيل روح المقاومة في مجتمعنا، فالإنسان المبني بناء عقليا منفتحا ومتينا، هو الإنسان المؤهل لأن يكون مقاوما حقيقيا، وهو الخلية الأولى في المجتمع المقاوم.
وفي ختام المهرجان أرسل رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال سليمان برقية أكد فيه أن المقاومة كتبت بنضال أبنائها ودمائهم واقعاً مفصلياً يشكّل حدّاً فاصلاً بين تاريخين: ما قبلها وما بعدها. فالمقاومة بوجه أكبر قوة عاتية في منطقة الشرق ـ الأوسط، مسطرة في التاريخ حكايات انتصار للحق وراسمة للعالم صوراً من البطولة والقوة.
منوهاً إلى توحد دماء المقاومة الذكية بدماء الجيش اللبناني وبصمود الشعب اللبناني، فمنحت لبنان الرفعة وحققت له الإنجاز الأكبر في تاريخنا المعاصر.

متابعة: ثناء عليان